الخميس، 11 أبريل 2013

دعوةٌ .. للحياة (2) !


ماذا لو كان كل إنسانٍ يتصرف بما تُملي عليه طبيعته كإنسانٍ مستقل، غير مقيدٍ بكيفيةٍ مخصوصةٍ للحياة ؟
سيتصرف وقتها محتذياً في جميع أحواله وسكناته بالإنسان الذي في داخله، لا فلان ولا علّان.
على الأقل، سيتصرف آنذاك محكوماً من الخير الكامن بين جوانحه، المفطور عليه منذ وجوده.
وسيكون عالمنا حينها أكثر سلاماً، أو ربّما عالماً بريئاً يشبه كثيراً في عفويّته عوالم الأطفال!
وستكون حياتنا حينها خليطاً من أشخاصٍ متباينين لا نجد شبهاً بينهم إلا فيما ندر، وبالأحرى .. ستقل النسخ في هذا العالم.
ولن يكون هناك أيّ حدودٍ نحوم في أسوارها، إلا حدود التشريع الرباني .. فلا عُرف ولاتقليد سيسود!


إن الحياةَ الحقّة، التي يَجدر بكل إنسانٍ أن يحياها، هي اتباع الإملاءات التي يقولانـها القلـب والعقل، وتنفذها الجوارح .. 
وما دونها كحياةٍ نعيش فيها متخوّفين دائماً مما ستهذر به ألسنة الناس، فنخطّط مسبقاً لألا يصدر عنّا همسةٌ أو سكنةٌ أو بسمةٌ يمكن لها أن تُثير ظنوناً، أو تحرك ريباً؛ فتصبح تصرفاتنا كلها مجردةً من أي عفوية أو طبيعةٍ شخصية!
وعلى قدر وُقوفك عند الإقدام على كل فعل حساباً لأقوال الناس، ستعلم مامدى انغماسك في الخوف من كلامهم وتلاشي شخصيتك في حياتهم.

فأي معنى للحياة حين تُصبح متلاشيةً في حياة الآخرين؟ حين يكون قيدنا فيها عيون الآخرين وألسنتهم، لاضمائرنا وقلوبنا!


أولئك الذين يتصرفون بمحضِ حديث ضمائرهم، ومشورة أنفسهم .. قلّة؛
حيث إن التجرد من شبح عيون الناس والوقوف على إملاءات الـرّوح وتنفيذها دون حِساب كلامٍ قد يصدر من الناس .. صعب.
لكنهم أولئك، هم من عرفوا كُنه الحياة الحقيقية وفهموا سرّها، فعاشوا لذواتهم .. مستمتعين بلحظتهم كما يُشاء لها أن تكون؛ وفوق ذلك .. هم من خلقوا سائد الآخرين بتفرّدهم!


2/6/34

هناك تعليقان (2):

  1. رائعة جدًا.. شكرًا لك جمانة :)

    ردحذف
    الردود
    1. أهلاً أستاذ طريف، سعدت حقاً لوجودك هنا، الشكر لك.

      حذف