الخميس، 12 أكتوبر 2023

كيف تُشكّلنا القصص؟

للقصص قوةٌ هائلة في تشكيل أفكارنا ورؤيتنا للعالم، يمكن لقصةٍ واحدة مؤثرة أن تغرس فكرةً في عمق عقولنا أو أن تقتلعها من جذورها. منذ جدالات أفلاطون وأرسطو والإنسان يدرك هيمنة القصص عليه وعلى عقله، ولم يكن عبثاً حين قرر أفلاطون أن يطرد الشعراء من مدينته الفاضلة، لأنهم عباقرة القصة الذين يأسرون الألباب.

اليوم، لم تعد القصة مجرد هواية للشعراء والروائيين، أو سلعة يتنافسُ عليها مخرجو الأفلام، غَدَت القصة أكثر من مجرد تسليةٍ تحكيها الأمهات لأطفالهن ليغمضو أعينهم، بل على العكس.. للقصة اليوم سطوةٌ تُغيّب النوم، وتفتح الأعين على اتساعها.

وعلى الرغم من أننا نعيش في عالمٍ يهيمن عليه التواصل المباشر والمعاني الحرفيّة، ولا يتكلم إلا بلغة الأرقام والإحصائيات الدقيقة، ويرى العروض التقديمية الاحترافية الوسيلة المعتمدة للإقناع والتأثير، في عالم كهذا، ربما من السهل أن نُهمّش دور القصة وأهميتها في تشكيل وعينا وتحقيق أهدافنا.

من تجاربي المختلفة في صياغة وتحرير أنواع مختلفة من المحتوى، وبعيداً عن عوالم الأدب الخيالية، وجدتُ أن للقصة قوةً لا يستهان بها في تحقيق أهدافنا التواصلية، على جميع الأصعدة المهنية والشخصية:

- القصص تُحاكي حال السامع:

كم مرةً حضرت عرضاً تقديمياً وفي نهايته شعرت أن موضوعه لا يعنيك بشيء؟ هذا ببساطة لأننا لا تشعر بالتعاطف مع الأرقام والحقائق الخام، وهنا تكمُن قوة القصة! تساعدنا القصص أن تكون في قلب الحدث، حيث تذكرنا بخبراتنا وتجاربنا السابقة، أو على الأقل: تساعدنا أن نشعر بالأشخاص المعنيين وأن نتفهمهم.

- اللعب على الوتر العاطفي:

لا يجب أن ننكر أن العاطفة تلعب دوراً حقيقياً في قراراتنا، والقصة هي أفضل وسيلة للعب على هذا الوتر وتحقيق التأثير العاطفي المطلوب، سواءً كنت تريد أن تخلق شعوراً بالإثارة أو التعاطف أو الحماس، أو حتى إن كنت تريد أن تبني إحساس الولاء لدى جماهيرك، القصة هي وسيلتك الأفضل.

- القصص عتيّةٌ على النسيان:

عد بذاكرتك إلى طفولتك.. كم قصةً علقت بذهنك ولا زلت تتذكرها حتى اليوم؟ ربما ستستحضر صورة سنان أو الكابتن ماجد أو سالي المسكينة! لابد أنك في هذه اللحظة عاودتك الكثير من المشاعر. وهنا بالضبط يمكن سحر القصة! القصص أقوى من النسيان وتأثيرها يظل ممتداً على مدى زمني طويل.

- القصص تبني جسور الثقة:

تفتح القصص نافذةً للتجربة الإنسانية، وتجعل راويها يبدو حقيقياً وقريباً وتلقي الضوء على القيم والمبادئ، حينما تشارك تجاربك الشخصية وتحدياتك وانتصاراتك عبر القصص، ستعزز مصداقيتك في أذهان جمهورك، وتمنحهم فهماً لهويتك، وبالتالي ستبني جسور الثقة بينك وبينهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق